نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 322
وأما القانون الثاني من قوانين
التكليف والجزاء، فهو أن الله تعالى بعدله ورحمته وربوبيته وهب للمكلف من الأدوات
والوسائل ما يستطيع به أن يقاوم العقبات التي تعترض طريق تكليفه، فليس من العدالة
أن يرمى بالجندي الأعزل في ساحات المعارك الهوجاء من دون سلاح.
ويشير إلى هذا قوله تعالى ـ بعد ذكره إرادته في جعل الإنسان خليفة على
الأرض ـ:﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى
الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ﴾ (البقرة:31)، وهذا يدل على أن الله تعالى وفر لآدم عليه السلام من
العلم ما يستطيع أن يؤدي به مهمة الخلافة.
وذلك العلم
الذي تلقاه آدم عليه السلام هو الذي ورثته ذريته من بعده؛ ولم يكتف الله تعالى
بذلك التوريث الذي قد يدخل فيه من التحريف ما ينحرف به مسار الإنسان، بل زوده
بمعلمين دائمين للأسماء والحقائق، ولهذا قال تعالى لآدم عليه السلام بعد نزوله إلى
الأرض:﴿ اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً
فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
(البقرة: 38)
ولذلك أخبر الله تعالى أنه لم يخل القرى من
الأنبياء والرسل المقومين لأقوامهم والمعرفين بالفطرة الأصلية، والمعلمين للأسماء،
والهادين إلى الإجابات الصحيحة على اختبارات التكليف، قال تعالى:﴿ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا
فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (فاطر:24)، وقال:﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ
أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ
هَدَى الله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ
فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ (النحل:36)
فهاتان الآيتان الكريمتان تدلاَّن على أن كل الأمم
السابقة أرسل الله لها من ينذرها،
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 322