نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 321
تختلط فيها إجابته بما كُتب سابقا في تلك
الأوراق.
فكذلك ـ ولله المثل الأعلى ـ خلق الله البشر في
أصل جبلتهم صفحات بيضاء، مستعدة لكل أعباء التكليف ومهماته، ليملؤوا بعد ذلك هذه
الصفحات البيضاء بما يختارونه من إجابات.
وكون البشر على هذه الصورة من القضايا المسلمة
عقلا؛ فلا خلاف بين شعوب الأرض في براءة الطفولة، وفي استعدادها لكل أنواع التلقي،
ولذلك اتفقت هذه الشعوب على اختيار هذا العمر للتوجيه العلمي والتربوي الذي تبنى
عليه جميع حياة الصبي.
وقد دلت النصوص المقدسة على ما دل عليه العقل، بل
اعتبرت النصوص ذلك من مظاهر عدل الله ورحمته بعباده؛ فقد سمى الله تعالى هذه
الجبلة الأصلية الطيبة البسيطة التي جبل عليها الإنسان باسم الفطرة، وهي تدل على
ما جبل عليه الإنسان من استعداد للخير، والذي قد يتحول بالتحريف إلى الشر، قال تعالى:﴿ فَأَقِمْ
وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا
تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لا يَعْلَمُونَ﴾ (الروم:30)
ففي الآية الكريمة إشارة إلى أن الفطرة الأصلية
مستعدة للخير استعدادا جبليا، وأن التغيير الطارئ عليها ليس ناشئا من طبيعتها
الخلقية، وإنما نشأ من مؤثرات خارجية اقتضاها التكليف.
وفطرة الإنسان في ذلك تشبه فطر الأشياء المختلفة،
فالله تعالى ـ مثلا ـ خلق الماء طاهراً مطهراً، فلو ترك على حالته التى خلقه الله
عليها ولم يخالطه ما يزيل طهارته لم يزل طاهراً، ولكنه بمخالطة المؤثرات الخارجية
من الأنجاس والأقذار تتغير أوصافه ويخرج عن الخلقة التى خلق عليها.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 321