نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 91
البعيدين، وفائدة تعريف الله عز وجل بهذه الأوصاف أيضا
إيهام وتشبيه ومشاركة في الاسم لكن يقطع التشبيه بأن يقال ﴿ لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، فهو حي لا كالأحياء، وقادر لا كالقادرين..
وكأنا إذا عرفنا أن الله تعالى حي قادر عالم فلم نعرف إلا أنفسنا ولم نعرفه إلا
بأنفسنا إذ الأصم لا يتصور أن يفهم معنى قولنا ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ
﴾ ولا الأكمه يفهم معنى قولنا إنه بصير، ولذلك إذا قال القائل كيف يكون
الله عز وجل عالما بالأشياء؟ فنقول: كما تعلم أنت الأشياء، فإذا قال: فكيف يكون
قادرا؟ فنقول: كما تقدر أنت، فلا يمكنه أن يفهم شيئا إلا إذا كان فيه ما يناسبه،
فيعلم أولا ما هو متصف به، ثم يعلم غيره بالمقايسة إليه، فإن كان لله عز وجل وصف
وخاصية ليس فينا ما يناسبه ويشاركه في الاسم لم يتصور فهمه البتة، فما عرف أحد إلا
نفسه، ثم قايس بين صفات الله تعالى وصفات نفسه، وتتعالى صفاته عن أن تشبه صفاتنا،
فتكون هذه معرفة قاصرة يغلب عليها الإيهام والتشبيه، فينبغي أن تقترن بها المعرفة
بنفي المشابهة وينفي أصل المناسبة مع المشاركة في الاسم)([136])
وفي هذا المعنى قال بعضهم: (من عرف نفسه بالفناء عرف ربه بالبقاء.. ومن
عرف نفسه بالجفاء والخطأ عرف ربه بالوفاء والعطاء.. ومن عرف نفسه بالافتقار قام
لله على قدم الاضطرار.. ومن عرف نفسه لمولاه، قلت حوائجه إلى من سواه)([137])
وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تعمم ذلك؛ فتقع في التشبيه والتجسيم،
كما فعل أولئك الذين راحوا يصفون الله تعالى بما وجدوا عليه أنفسهم، كما عبر عن
ذلك بعضهم، فقال تعليقا على قوله تعالى: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ
بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ