نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 90
فهذه الآية تخاطب المشركين الذين كان لهم عبيد ومماليك، لتقول لهم: (لو
كان لكم عبيد وملك يمين، وهو ملك مجازي، لما رضيتم بأن يشركوكم في التصرف في
أموالكم، فكيف تتصورون المخلوقات التي هي ملك حقيقي لله شركاءه، أو تزعمون أن بعض
الأنبياء كالمسيح أو ملائكة الله أو بعض المخلوقات الأُخرى كالجن أو الأصنام
الحجرية والخشبيّة شركاءه، ألا ساء ما تحكمون!!)([133])
وبذلك قربت الصورة لهم بحسب ما يعرفون من أنفسهم.. ومثل ذلك ما ورد في
قوله تعالى: ﴿ ضَرَبَ الله مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ
وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لله بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 29]
ولهذا ورد في الحديث عن النبي a: (من عرف نفسه فقد عرف ربه)([134])، وعن الإمام علي أنه
قال: (اطلبوا العلم ولو بالصين، وهو علم معرفة النفس، وفيه معرفة الربّ عزّوجلّ) ([135])
وقد سبق أن ذكرت لك قول بعض الحكماء في سبل معرفة الله، وأن أولها
وأيسرها هو تلك التقريبات التي وفرها الله تعالى لنا من خلال معرفتنا بأنفسنا، فقد
قال: (لمعرفة الله سبحانه وتعالى سبيلان: أحدهما قاصر، والآخر مسدود، أما
القاصر فهو ذكر الأسماء والصفات وطريقة التشبيه بما عرفناه من أنفسنا، فإنا لما
عرفنا أنفسنا قادرين عالمين أحياء متكلمين، ثم سمعنا ذلك في أوصاف الله عز وجل أو
عرفناه بالدليل فهمناه فهما قاصرا.. لأن حياتنا وقدرتنا وعلمنا أبعد من حياة الله
عز وجل وقدرته وعلمه، بل لا مناسبة بين