نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 170
بالعجز عن إصلاح حال
خواصّ إخوانهم)، فرد عليه الإمام السجاد بقوله: (هكذا قالت قريش للنبي a:
كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكّة ويرجع إليها في
ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلّا في اثني عشر يوما؟! وذلك
حين هاجر منها.. جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا
تنال إلّا بالتسليم لله جلّ ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إنّ
أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عزّ
وجلّ عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلّا ما
يريده لهم)([335])
ولذلك كانت التضحيات
الرسالية هي النموذج المثالي الذي مارسه الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من أئمة
الهدى، حتى يكونوا أسوة للأجيال.
وإن شئت ـ أيها المريد
الصادق ـ أن ترى مثالا عمليا لذلك، فانظر إلى الإمام الحسين وأصحابه في كربلاء،
لترى مواقف التوكل وتفويض الأمر لله بصورتها المثالية الجميلة، والتي لا زالت إلى
الآن نبراسا يشجع الرساليين على القيام بأدوارهم الإصلاحية، اقتداء بأبي الثوار، وسيد
الشهداء.
ومن الأمثلة على ذلك ما
روي عنه من مواقف قبيل شهادته، وبعد أن رأى بعينه ما رأى من مآس، فقد حدث أبو مخنف
قال: بقي الحسين ثلاث ساعات من النهار ملطّخا بدمه رامقا بطرفه إلي السماء
وينادني: (ياإلهي، صبرا علي قضائك، ولامعبود سواك، ياغياث المستغيثين)([336])
وفي تلك اللحظات الشديدة،
دعا بابنه عبد الله، وهو صغير، فأجلسه في حجره،