وروي أنه a
قبّل
الحسن بن عليّ وعنده الأقرع بن حابس التّميميّ جالسا، فقال الأقرع: إنّ لي عشرة من
الولد ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله a، ثمّ قال: (من لا
يرحم لا يرحم)([912])
وأخبر a
أن حقيقة الإيمان لا تتحقق إلا في القلوب الرحيمة اللينة المستعدة لتلقي أنواره،
فقال: (لن تؤمنوا حتّى ترحموا)، فقالوا: كلّنا رحيم يا رسول الله، قال: (إنّه ليس
برحمة أحدكم صاحبه، ولكنّها رحمة النّاس، رحمة العامّة)([913])
ونفى التبعية له ولأمته عن
القساة، فقال: (ليس منّا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا)([914])
وهذا كله يدل على أن
الإيمان الحقيقي بالله وبوسائط هدايته لا يكون إلا في القلوب الرحيمة اللينة، وأما
غيرها، فهي وإن ادعت الإيمان، فإنه يظل مجرد دعوى، كما قال تعالى عن الأعراب
القساة الذين توهموا أنهم بإقامة بعض الشعائر التعبدية قد صاروا من المؤمنين: ﴿
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا
وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]
ولهذا أخبر الله تعالى عن
تلك الرحمة التي أودعها في قلوب أتباع المسيح عليه السلام، ليستحقوا بها جميل
اتباعه، فقال: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً
وَرَحْمَةً﴾ [الحديد: 27]