نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 386
وسر ذلك ـ أيها المريد
الصادق ـ يعود إلى أن الإيمان بالله ورسله والهداة إليه، ينشر قيمه في نفس المؤمن،
فيذعن لها، ويتحول سلوكه إلى نسخة موافقة لإيمانه.
ولذلك يستحيل على من يؤمن
برحمة الله، ولطفه بعباده، وحلمه عليهم، وحنانه ومودته.. ثم بعد ذلك يكون قاسيا أو
غليظا، ذلك أن من مقتضيات عبوديته للرؤوف الرحيم تحليه بالرأفة والرحمة، كما عبر
بعض الحكماء عن ذلك، فقال: (عبد الرؤوف: هو من جعله الله تعالى مظهراً لرأفته
ورحمته، فهو أرأف خلق الله بالناس إلا في الحدود الشرعية؛ لأنه يرى الحد وما أوجبه
عليه من الذنب الذي جرى على يده بحكم الله وقضائه رحمة منه عليه، وإن كانت ظاهرة
نقمة، وهذا مما لا يعرفه إلا خاصة الخاصة بالذوق؛ فإقامة الحد عليه ظاهراً عين
الرأفة به باطناً)([915])
ولهذا يرد في القرآن
الكريم كثيرا وصف الله تعالى بالرأفة والرحمة، وفي المجالات المختلفة، لا لتتقرر
تلك المعاني باعتبارها أوصافا لله تعالى فقط في نفوس المؤمنين، وإنما لتتحول إلى
قيم أخلاقية تضبط سلوكهم.
ومن تلك الآيات قوله
تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ
بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 143]، وقوله: ﴿وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ
بِالْعِبَادِ﴾ [البقرة: 207]، وقوله: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117]، وقوله: ﴿أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي
الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا
بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحج: 65]، وغيرها من
الآيات الكريمة، والتي تدل على شمول رحمة الله تعالى ورأفته كل شيء..
ومثل ذلك من يؤمن برحمة
رسول الله a، وأن الله تعالى وصفه بقوله: ﴿ لَقَدْ
جَاءَكُمْ
[915]
كمال الدين القاشاني، اصطلاحات الصوفية، ص 126.
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 386