وأخبر عما حصل لقارون، وهزيمته بعد
كل ذلك الاستعلاء والزهو، فقال: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ
فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص: 81]
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق
ـ فاعلم أن كل تلك النصوص المقدسة، وكل تلك الحقائق العقدية التي تقررها لا هدف
لها سوى أن تملأ نفسك بالقيم المرتبطة بالنصر.. وأولها أن تنتصر لله.. وأن تبذل كل
شيء في سبيل نصرك له.. حتى لو كنت وحدك في العالم من يحمل تلك الراية؛ فلا تتصور
أن العالم يمكنه أن يغلب جنديا يكون الله تعالى معه.
وهذا ما يحفظك من أن تتبع الظلمة
والمستبدين والمستكبرين راجيا نصرهم، أو خائفا هزيمتك إن واجهتهم.
ولهذا أخبر الله عن موسى عليه السلام، وأنه
قال حينما حوصر ذلك الحصار المرير؛ فظن من معه أنهم قد وقعوا في الهلاك المحتم
بحسب القوانين التي يعرفونها: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي
سَيَهْدِينِ﴾(الشعراء: 62)، وبمجرد أن قالها أمره اللّه تعالى أن يضرب
البحر بعصاه، فضربه فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم، فنجا موسى عليه السلام ومن
معه أجمعون..
ومثل ذلك ما أخبر به عن رسول الله a، وفي أشد الأوقات صعوبة، قال تعالى:﴿
إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ
إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى
وَكَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة:40)
ومثل ذلك ما أخبر به عن المؤمنين الصادقين في اتباعهم لرسول الله a، والذين
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 156