نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40
مهما كان وفيرا لن يحجباني عنك، ولن يبعدا قلبي عن الرغبة فيك.. فإني لا
أرى الأشياء مهما كثرت إلا منك.. ولا أرى نفسي إلا بك.. فكيف أحجب بهداياك الواصلة
إلي.. أم كيف أنشغل بفضلك عنك؟)
ولهذا كان ملك سليمان وثراءه وأمواله حجة على من حجبهم ملكهم وأموالهم عن
ربهم، كما كان جمال يوسف عليه السلام، وكونه عاش في قصر مليء بالفتن حجة على كل من
يكون حاله مثله.
وهكذا فإن المؤمن يمكنه أن يعيش كما يعيش غيره، ولكن بفارق مهم، وهو أن
حياته طيبة، وحياة غيره مختلطة.. والطيبة تعني البركة والرضا والقناعة والأمل..
وهي لذلك من المعاني التي لا يمكن أن يجدها غير المؤمن.
ولذلك لا تلتفت ـ أيها المريد الصادق ـ لأولئك الذين يحملون صورا خاطئة
عن الحياة الدنيا؛ فهي دنية بالنسبة للدار الآخرة والجزاء العظيم المعد فيها، وهي
دنية بالنسبة لأولئك الذين حجبوا بها عن ربهم، أما غيرهم؛ فهي دار من دور الله لها
حرمتها، ومكانتها العظيمة.
وقد روي عن الإمام علي أنه رأى قوما يذمون الدنيا ذما مطلقا، فراح يقول
لهم: (ما بال أقوام يذمّون الدنيا وقد انتحلوا الزهد فيها؟!، الدنيا منزل صدق لمن
صدّقها، ومسكن عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزوّد منها، مسجد أنبياء الله،
ومهبط وحيه، ومصلّى ملائكته، ومسكن أحبّائه، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة،
وربحوا منها الجنة.. فمن ذا يذم الدنيا وقد آذنت ببينها؟! ونادت بانقطاعها، ونعت
نفسها بالزوال، ومثّلت ببلائها البلاء، وشوّقت بسرورها إلى السرور، وراحت بفجيعة،
وابتكرت بنعمة وعافية، ترهيبا وترغيبا، فذمّها قوم غداة الندامة، وحمدها آخرون،
خدمتهم جميعا فصدقتهم، وذكّرتهم
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40