نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 44
البعض الآخر.
ولهذا يذكر الله تعالى أنه يمكن تضميد محال ذلك الألم بما يزيله، ويرفعه،
كما قال تعالى: ﴿ إِنْ
تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ
مِنَ الله مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾
(النساء:104)
فالآية الكريمة تدعو المؤمنين إلى تضميد جراحهم برجاء الله تعالى، وهو
العزاء الذي لا يجده غيرهم ممن يشاركونهم في نفس الآلام، لكنهم لا يجدون أي عزاء
أو سلوى ترفع عن نفوسهم ثقل الآلام التي حلت بأبدانهم.
وإن شئت ـ أيها المريد الصادق ـ توضيحا يقرب لك المعنى الوارد في الآية
الكريمة؛ فإن أقرب الأمثلة إلى الألم الذي يحل بالإنسان تلك الحفرة
التي تدمل الأرض بالجراح.. فإذا كانت الحفرة محدودة من حيث حجمها، ثم ملأناها
بأكياس.. لا من الرمل.. بل من الذهب الخالص.. بل بما هو أشرف من الذهب وأغلى
قيمة.. أيبقى للحفرة وجود؟
إن أي إنسان عاقل يعرف فنون التجارة، وما يرتبط بها من المكاسب لن يفرط
في هذه الصفقة العظيمة، بل إنه قد يتمنى أن تكون حفرته أخدودا عظيما، بل بحرا
عميقا، بل محيطا لا حدود له.. لأنه سيعوض بدلها بتلك الكنوز التي لا نفاد لها.
ولذلك كان أعظم المغبونين أولئك الذين جمعوا بين الألم، وبين الحرمان من
فضل الصبر عليه، والرضا به.. كما روي في الحديث أن رسول الله a دخل على أعرابي يعوده
وهو محموم، فقال: (كفارة وطهور)، فقال الأعرابي: (بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره
القبور)، فقام رسول الله a وتركه([18]).
وهنا يختلف المؤمن عن غيره.. فالمؤمن يشترك مع الآخرين في الاختبارات،
ولا