responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 53

بخلاف غيرهم؛ فإن كل التكريمات الكاذبة، والجاه العريض، والأموال الضخمة، والقصور الفارهة، والحياة الرغدة، لا تساوي تلك اللحظات التي يسمعون فيها الملائكة وهي تهينهم أو تضربهم أو تستل أرواحهم، وتنتزعها بشدة، كما قال تعالى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: 1]، وقد قال ابن مسعود وابن عباس في تفسيرها أن المراد من [النازعات غرقا]: (الملائكة، حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعنف فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط) ([29])

وقال الإمام علي: ([وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً] هي الملائكة تنزع أرواح الكفّار، و[النَّاشِطَاتِ نَشْطاً] هي الملائكة تنشط أرواح الكفّار، ما بين الأظفار والجلد حتّى تخرجها، و[السَّابِحَاتِ سَبْحاً] الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين السماء والأرض، [فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً] هي الملائكة تسبق بعضها بعضاً بأرواح المؤمنين إلى الله تعالى) ([30])

وهذا لا يعني ـ أيها المريد الصادق ـ عدم كراهية المؤمن للموت.. فهو لا يكرهه لذاته، بل إنه يحبه لذاته؛ فلا يمكن أن يصل إلى رغباته الحقيقية من دونه، وإنما يكره تعجيله لأنه يريد أن يضيف إلى نفسه المزيد من النقاء والطهارة والترقي.. وهو لذلك لا يستغل الحياة ليمعن في لذاتها، وإنما ليستزيد من باقياتها الصالحات.

ومثاله في ذلك مثال من أتيح له أن يلقى محبوبه الذي اشتاق إليه، لكنه عندما يؤذن له بالدخول لا يسرع إلى ذلك، وإنما يسرع إلى هندامه يهذبه، وشعره يمشطه ويكرمه، حتى لا يدخل على حبيبه في صوره لا تليق به.. وقد يتوهم من يراه كذلك أنه يكره لقاءه، لأنه لم يطلع على قلبه، وهو يحترق شوقا إليه.


[29] تفسير ابن كثير (8/ 312)

[30] كنز العمال 2: 545 ح 4686.

نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست