والذي أخبر رسول الله a أنه يمثل الهدى والصدق، وأخبر
في نفس الوقت أنه من الناجين من الفتنة الأولى، وأنه سيتعرض بسبب ذلك للبلاء
والنفي، حتى يموت وحيدا، وفي كل ذلك يدعو رسول الله a إلى البحث عن أسباب ما حصل لأبي ذر، ولماذا حل به ذلك البلاء، حتى
تفرق بين أئمة الهدى وغيرهم.
ومن الأحاديث الواردة في هذا:
[الحديث: 458] ما ورد عن رسول الله a من اعتباره لسانا من ألسنة الحق، التي إن اختلفنا عدنا إليها[2].. فقد قال في حقه: (ما أقلت
الغبراء، ولا أظلت الخضراء، من رجل أصدق لهجة من أبي ذر)[3]، وقال: (ما أظلت
الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، شبيه عيسى ابن مريم)، فقال
عمر: يا رسول الله، أفنعرف ذلك له؟. قال: (نعم، فاعرفوه)[4]
[الحديث: 459] ما ورد من الدلالة على كون بلائه كان جهادا في سبيل
الله، فقد روي
[2]
يمكن اعتبار حديث صدق أبي ذر وزهده من أظهر مصاديق التواتر المعنوي، إذ أخرجه جملة
الحفاظ على اختلاف ألفاظه كابن سعد والترمذي وابن ماجة وأحمد وابن أبي شيبة وابن
جرير وأبي عمر وأبي نعيم والبغوي والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم.
انظر: الطبقات 4 ـ 167 و168، سنن ابن ماجة 1 ـ 68، مسند أحمد 2 ـ 163 و175 و223، و5
ـ 197، و6 ـ 442، مستدرك الحاكم 3 ـ 342، و4 ـ 480 وقد صححه وأقره عليه الذهبي،
مصابيح السنة 2 ـ 228، صفة الصفوة 1 ـ 340، الاستيعاب 1 ـ 84، مجمع الزوائد 9 ـ
329، الإصابة لابن حجر 3 ـ 622 و4 ـ 62، كنز العمال 6 ـ 169 و8 ـ 15 ـ 17، وجملة
كتب الحديث والرجال والتراجم.