نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 238
وهو صاحب ذلك المشهد الذي تمنى عبد
الله بن مسعود ـ على جلالة قدره ـ أن يكون صاحبه، فقال: (لقد شهدت من المقداد
مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما في الأرض من شيء، وكان رجلا فارسا، وكان
رسول الله a إذا غضب احمرت وجنتاه،
فأتاه المقداد على تلك الحال فقال: (أبشر يا رسول الله، فوالله لا نقول لك كما
قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن
والذي بعثك بالحق لنكونن من بين يديك، ومن خلفك، وعن يمينك، وعن شمالك، أو يفتح
الله عز وجل لك)[1]
وهو من الذين آتاهم الله البصيرة؛
الذين ميزوا بين الجاهلية والإسلام، والقيم التي تمثلهما، ولم يغتر بالصحبة
المجردة عن القيم، وقد رد على من قال له: (طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول
الله a، والله لوددنا أنا
رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت)، بقوله: (ما يحمل الرجل أن يتمنى محضرا غيبة الله
عنه لا يدري كيف يكون فيه، والله لقد حضر رسول الله a أقوام كبهم الله على مناخرهم في
جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه، ألا يحمد الله تعالى أحدكم أن لا تعرفوا إلا ربكم
مصدقين بما جاء به نبيكم، فقد كفيتم البلاء بغيركم، والله لقد بعث النبي a على أشد حال بعث عليها
نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية لم يروا أن دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء
بفرقان فرق بين الحق والباطل، وفرق بين الوالد وولده، حتى إن كان الرجل ليرى والده
أو ولده أو أخاه كافرا، وقد فتح الله تعالى قفل قلبه للإيمان ليعلم أنه قد هلك من
دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حميمه في النار، وأنها التي قال الله تعالى:
﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: