نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 58
عشر هو الوليد بن يزيد بن
عبد الملك، اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام، فولي نحو أربع سنين، ثم قاموا عليه
فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة
بعد ذلك؛ لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته، بل
ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان، ولما مات يزيد ولي أخوه
إبراهيم، فغلبه مروان، ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل، ثم كان أول خلفاء بني
العباس أبو العباس السفاح ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه، ثم ولي أخوه المنصور فطالت
مدته، لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس، واستمرت في أيديهم
متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك، وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض، إلى
أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في بعض البلاد، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك
بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه
المسلمون، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها الا بأمر الخليفة،
ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك، فعلى هذا يكون المراد بقوله: (ثم يكون الهرج) يعني:
القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا، يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام، وكذا كان)[1]
والملاحظة التي ذكرها
ابن حجر مهمة جدا، وهي ما ورد في الأحاديث من الإشارة إلى إجماع الأمة عليهم، وهو
قوله: (كلهم يجتمع عليه الناس).. ولكن تأويله لذلك بعيد جدا، ذلك أن أولئك الخلفاء
الذين ذكرهم لم يجمع عليهم الناس، وإنما فرضت بيعتهم قهرا وتسلطا، بخلاف أئمة
الهدى، والذين اجتمعت الأمة جميعا على مكانتهم وفضلهم، وإن اختلفت في التبعية لهم.