نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 59
ولم يكتف الفارون من
الحديث ومقتضياته بهذه التأويلات البعيدة، بل إن بعضهم ذهب إلى أن المراد منه
تفاصيل الهيئة الحاكمة: الخليفة، والوزراء، والنواب، والحكام، وغيرها، كما عبر عن
ذلك ابن تيمية بقوله: (وقد تأول ابن هبيرة الحديث على أن المراد أن قوانين المملكة
باثني عشر، مثل الوزير، والقاضي، ونحو ذلك)[1]
خامسا. اعتبار الإمام
علي أول أئمة الهدى:
والكثير منها صحيح بحسب شروط الصحة في المصادر السنية، وعند أكثر
المحدثين تشددا، بل إن بعضها بلغ مبلغ التواتر، وفوق ذلك لا تعارض بينها وبين
القرآن الكريم، ولا العقل السليم، ولا الفطرة الصافية.
فالقرآن الكريم يشير إلى أن الوظائف الكبرى قد تستدعي تدخلا إلهيا حتى لا
يقع البشر في سوء الاختيار، ومن الأمثلة على ذلك ما قصه الله تعالى علينا من قصة
بني إسرائيل ولجوئهم إلى نبيهم ليحدد لهم الملك الذي يخرجهم من الذلة والهوان الذي
ارتكسوا فيه بسبب سوء اختيارهم، كما نص على ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى
الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ
ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 246]
ومثل ذلك أخبر عن عناية الله تعالى بإخراج المستضعفين من نير المستكبرين،
وذلك بتوفير أئمة الهدى الذين يؤدون ذلك الدور، كما قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ
وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)﴾ [القصص: 5 ـ 6]
وهكذا أخبر عن إبراهيم عليه السلام أنه سأل الله تعالى أن يكون في ذريته
من الأئمة ما يحفظون به الدين من التحريف والتبديل، قال تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ