نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 359
الإبراهيمي لم يكن
ينظر إلى حفظه بتلك الصورة، فهو يقول عنه: (وعبد الحي محدث بمعنى آخر، فهو راوية
بكل ما لهذه الكلمة من معنى. تتصل أسانيده بالجن والحن.. وبكل من هب ودب. وفيه من
صفات المحدثين أنه جاب الآفاق، ولقي الرجال، واستوعب ما عندهم من الإجازات
بالروايات، ثم غلبت عليه نزعة التجديد فأتى من صفات المحدثين (بالتخفيف) بكل
عجيبة، فهو محدث محدث في آن واحد؛ وهمه وهم أمثاله من مجانين الرواية حفظ
الأسانيد، وتحصيل الإجازات، ومكاتبة علماء الهند والسند للاستجازة، وأن يرحل أحدهم
فيلقى رجلا من أهل الرواية في مثل فواق الحالب، فيقول له: أجزتك بكل مروياتي
ومؤلفاتي.. فإذا عجز عن الرحلة كتب مستجيزا فيأتيه علم الحديث بل علوم الدين
والدنيا كلها في بطاقة.. أهذا هو العلم؟ لا والله. وإنما هو شيء اسمه جنون
الرواية)[1]
والإبراهيمي بحكم توجهه
السلفي، وتغلب النزعة الوهابية خصوصا عليه ينفي عن الكتاني كونه محدثا، لأن من
شروط المحدث في تصوره أن يكون سلفيا، فيقول: (ولقد كان من مقتضى كون الرجل محدثا
أن يكون سلفي العقيدة وقافا عند حدود الكتاب والسنة.. لكن المعروف عن هذا المحدث
أنه قضى عمره في نصر الطرقية وضلالات الطرقيين ومحدثاتهم بالقول والفعل والسكوت،
وأنه خصم لدود للسلفيين، وحرب عوان على السلفية، وهل يرجى ممن نشأ في أحضان
الطرقية، وفتح عينيه على ما فيها من مال وجاه وشهوات ميسرة ومخايل من الملك، أن
يكون سلفيا ولو سلسل الدنيا كلها بمسلسلاته؟)[2]
وهكذا يستمر الإبراهيمي في التهكم
والسخرية إلى نهاية مقاله الطريل، بل إنه يهدده بأنه إن استمر في دعم الطرق
الصوفية في الجزائر، فإن سيروي الروايات في مثالبه وينشرها ويفضحه بها، فيقول:
(..فإن عاد بالتوبة، عدنا بالصفح؛ وان زاد في الحوبة، عدنا على هذا