إليهم أبا لبابة ليستشيروه، وكان حليفاً لهم، لعلهم يتعرفون منه ماذا سيحل بهم وكيف سيفعل بهم محمد وأصحابه، وبماذا سيحكم فيهم؛ فلما جاءهم قام إليه الرجال، وجهش النساء والصبيان بالبكاء، وقالوا: (يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟)، قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه ـ يقول لهم إنه الذبح ـ والعجيب ان
بني قريظة استشاروا أبا لبابة، فأشار إليهم أَنَّهُ الذَّبْحُ لكنه نصحهم
بالاستسلام شفقة بالنساء والأطفال فقط، وأشار بيده نحو رقبته، وهو ينظر للرجال
مشيرا إلى أن مصيرهم سيكون الذبح، أي أن الرجل قال لهم: إن محمدا سيذبحكم، فأين
أكاذيب الإنسانية وسماحة محمد.. وكل هذا قبل حكم الله فيهم، فمن أين عرف هذا
الصحابي أن محمدا سيذبحهم إن لم تكن هذه هي سيرته في أعدائه ومخالفيه)[1]
وقال عند ذكر
اختيارهم لحكم سعد بن معاذ، ورغبتهم عن حكم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:
(فهرب القوم من محمد إلى سعد بن معاذ الذي كان مجروحا، ومات بعد ذلك إثر جرحه،
فكيف شارك بنو قريظة، وهم لا يعلمون بجرح معاذ، أوليس هذا يعني أن القوم كانوا في
غفلة من أمرهم، مشغولون بأعمالهم، وهذا ما أكدته الكثير من الروايات، وما كان من
ذم صادر لبني قريظة من أبي سفيان كونهم لم يجتمعوا معه على حرب محمد، فهل يتأمل
الإنسان ويفكر في هذا أم أنه اثر العماء على البصيرة والنور.. ثم كيف أجاز محمد
لجريح، جرحه غائر يؤدي للموت أن يحكم بأمر هؤلاء؟ هذا لعمري أعجب العجب)
وغيرها من
المقولات الكثيرة التي لا يمكن الاكتفاء في الرد عليها باتهام أصحابها بتبنيهم
لأحكام مسبقة على الإسلام وعلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، لأن هذا، وإن كان
صحيحا في الجملة، إلا أننا مع ذلك لا نستطيع أن نقر بأن الحادثة يسيرة، وأنه يمكن
الإجابة عنها بمثل تلك الأجوبة الباهتة، والتي تصورها وكأنها حدث عادي يمكن المرور
عليه بسهولة.
[1] انظر مقالا بعنوان: بنو قريظة
وهلوسات محمد بين القتل والسبي والاغتصاب، موقع الحقيقة في كشف الحقائق المخفية،
19 يونيو 2014.