بل إن بعض
الإجابات المنفعلة تسيء إلى الإسلام وإلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
أكثر مما ترد على الشبهة، حيث أنها تنقل ما ورد في أحكام تلك المجزرة من نصوص في
الكتاب المقدس، وتبين أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أقرها، مع علمهم بأن هذا الدين نسخ ما قبله،
وأن شريعة الإسلام السمحة قضت على تلك التحريفات التي أضافها أهل الكتاب لكتبهم.
بل إن بعض تلك
الإجابات لم تكتف بذلك، وإنما راحت تذكر جرائم البشر، وأنه لا يمكن مقارنتها بما
حصل في تلك المجزرة، وهذا أيضا، نوع من الاعتراف بكونها مجزرة، وإن كانت خفيفة..
فكونها كذلك لا يلغي كونها جريمة.
ولذلك رأيت أن
المنهج الأسلم فيها هو بحث أصلها وجذورها، لا مجرد تبريرها والدفاع عنها، ذلك أن
كل تلك التبريرات لن يتقبلها إلا أصحابها الذين نطقوا بها، وربما يتقبلونها بمضض.
وبناء على هذا
رأيت دراستها في هذا الكتاب دراسة علمية ومتأنية، ووفق منهجية واضحة، حتى يُزال
الإشكال عنها، لا لكونها أصبحت مطية للمبشرين والمستشرقين والمستغربين والحداثيين
فقط ـ كما ذكرنا ـ وإنما لكونها أصبحت أيضا مطية للإرهاب، ولكل من يريد أن يشوه
الإسلام من خلاله.
فلا يمكن لمن
يؤمن بهذه الحادثة، ويرى صدقها أن يقنع العالم بأن ما تمارسه داعش والقاعدة
والنصرة من قتل الرجال، وسبي النساء، والاستيلاء على الأموال بدعة إرهابية، وهو في
نفس الوقت يؤمن بأن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أمر ـ تنفيذا لحكم سعد ـ بقتل ذلك العدد
الضخم من القرظيين حتى المراهقين منها، بل حتى الصبية، ثم الاستيلاء على أموالهم
ونسائهم، واعتبار رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم نفسه أحد من اقتسموا أولئك النسوة.
لكن للأسف
يواجَه كل من يطالب بإعادة النظر في هذه الحادثة وفق الأصول العلمية، بكونه
عاطفيا، أو محاربا للتراث، أو سطحيا، لا يتناول المسائل بعمق، وغيرها من الألقاب،