بالأوس، ذلك أن
بني قريظة كانوا حلفاء للأوس، بخلاف بني النضير وغيرهم الذين كانت لهم علاقة
بالخزرج، وقد كانت علاقة الأمويين بالخزرج أحسن من علاقتهم بالأوس، ولذلك حاولوا
أن يسيئوا إلى حلفاء الأوس.
ومما يدل على
تدخل الأمويين في التدوين، ودعوة الكتبة إلى عدم ذكر فضائل الأنصار، ما رواه الزبير
بن بكار من أن سليمان بن عبد الملك قدم حاجا، وهو ولي عهد؛ فمر بالمدينة، فأمر
أبان بن عثمان أن يكتب له سيرة النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ومغازيه، فقال له
أبان: هي عندي، قد أخذتها مصححة ممن أثق به، فأمر بنسخها فنسخت له، فلما صارت إليه
نظر؛ فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين، وذكر الأنصار في بدر، فقال: ما كنت أرى
لهؤلاء هذا الفضل، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا[1]
عليهم، وإما أن يكونوا ليس هكذا، فقال أبان بن عثمان: أيها الأمير، لا يمنعنا ما
صنعوا بالشهيد المظلوم من خذلانه، لأن نقول بالحق: هم على ما وصفنا لك في كتابنا
هذا، قال: ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين، لعله يخالفه، فأمر
بذلك الكتاب فحرق، فلما رجع، وأخبر أباه، قال عبد الملك: وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس
لنا فيه فضل؟ تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها؟! فأخبره بتحريق ما كان نسخ،
فصوب رأيه، وكان عبد الملك يثقل عليه ذلك)[2]
وفي تتمة
الرواية ذكر لسبب موقف سليمان بن عبد الملك وغيره من الخلفاء الأمويين من الأنصار،
فقد ذكر ذكر الراوي: أن سليمان أخبر قبيصة بن ذؤيب بما جرى، وجواب قبيصة له، قال: فقال
سليمان: يا أبا إسحاق، ألا تخبرني هذا البغض من أمير المؤمنين وأهل بيته لهذا الحي
من الأنصار، وحرمانهم إياهم، لم كان؟!. فقال: يا ابن أخي، أول من أحدث
[1] غمص على فلان: كذب عليه، وغمص على
فلان كلامه: أي عابه عليه..
[2] الأخبار الموفقيات للزبير بن
بكار، الزبير بن بكار بن عبد الله القرشي الأسدي المكي (المتوفى: 256هـ)، تحقيق:
سامي مكي العاني، عالم الكتب – بيروت، الطبعة: الثانية،
1416هـ-1996م، ص 332 ـ 334..