وقد وصف المؤرخون
الجرائم التي اقترفها الأمويون في المدينة المنورة، وهي جرائم يندى لها الجبين؛
فقد استبيحت المدينة ثلاثة أيام، وقُتل فيها الكثير من أهل المدينة منهم 80
صحابياً، و700 حافظ للقرآن الكريم، واعتدوا على الأعراض والأموال وقتل الشيوخ
والأطفال، وشقوا بطون النساء الحوامل وقتلوا ما في بطونهن، وأهانوا الصحابة الذين
كانوا في المدينة من أمثال جابر بن عبدالله الأنصاري الذي فقد بصره في تلك الفترة،
وأبو سعيد الخدري، وغيرهم[1].
وبعد ثلاثة أيام
من العبث بالمدينه، مما يشبه ما ذكروه عن غزوة بني قريظة، جمع مسلم بن عقبة المرّي
من تبقى من أهل المدينة وطلب منهم أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم وآبائهم
عبيد له، أو غنيمة حرب له، ومن لم يقبل بهذه البيعة قطعوا رأسه [2].
ومن الأمثلة على
تلك الجرائم التي وثقت ما ذكره ابن الأثير في الكامل، قال: (ودعا مسلم الناس إلى
البيعة ليزيد على أنهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم من شاء، فمن امتنع
من ذلك قتله، وطلب الأمان ليزيد بن عبد الله بن ربيعة بن الأسود، ولمحمد بن أبي
الجهم بن حذيفة، ولمعقل بن سنان الأشجعي، فأتي بهم بعد الوقعة بيوم، فقال: بايعوا
على الشرط، فقال القرشيان: نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله. فضرب أعناقهما، فقال
مروان: سبحان الله! أتقتل رجلين من قريش أتيا بأمان؟ فطعن بخاصرته بالقضيب، فقال:
وأنت والله لو قلت بمقالتهما لقتلتك!.. وجاء معقل بن سنان فجلس مع القوم فدعا
بشراب ليسقى، فقال له مسلم: أي الشراب أحب إليك؟ قال: العسل. قال: اسقوه، فشرب حتى
[1] التنبيه والإشراف، علي بن الحسين
المسعودي، دار الصاوي بمصر سنة 1357 ه ، ص 306..
[2] انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي،
ج2، ص 250 ـــ 251؛ المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 267، الطبري، تاريخ الطبري، ج 5،
ص 491.