ولم يكن ذلك موقف الإمام مالك لوحده، بل
شاركه فيه غيره من كبار العلماء والمحدثين المتقدمين، ومنهم هشام
بن عروة؛ فقد روى الرازي عن يحيى بن سعيد القطان قال: (قال هشام بن عروة: هو كان
يدخل على امرأتي؟ ـ يعني محمد بن إسحاق ـ كالمنكر)، وقال في رواية أخرى قال: (أهو
كان يصل إليها؟ وقال الرازي: قال عمر بن حبيب: قلت لهشام بن عروة: حدثنا محمد بن
إسحاق قال: ذاك كذاب)[1]
ومنهم يحيى
القطان، فقد روى الغلاس عنه قال: (كنا عند وهب بن جرير، فانصرفنا من عنده فمررنا
بيحيى القطان فقال: أين كنتم؟ فقلنا: كنا عند وهب بن جرير - يعني نقرأ عليه كتاب
المغازي عن أبيه، عن ابن إسحاق - فقال: (تنصرفون من عنده بكذب كثير)، وقال عنه:
(ما تركت حديثه إلا لله، أشهد أنه كذاب)[2]
وقال ـ يذكر
مصادره على كذبه: (قال لي وهيب بن خالد: إنه كذاب، قلت لوهيب: ما يدريك؟ قال: قال
لي مالك: أشهد أنه كذاب، قلت لمالك: ما يدريك؟ قال: قال لي هشام بن عروة: أشهد أنه
كذاب، قلت لهشام: ما يدريك؟ قال: حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، ودخلت علي وهي
ابنة تسع سنين، وما رآها حتى لقيت الله)[3]
وهكذا قال عنه
كبار علماء الجرح والتعديل، والذين ذكروا مدى صلته باليهود، فقد قال ابن المديني:
(ثقة، لم يضعه عندي إلا روايته عن أهل الكتاب)
ومن
الإسرائيليات التي رويت عنه ما رواه ابن جرير الطبري، قال: حدثنا ابن حميد قال
حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن (أبي عتاب رجل من تغلب كان نصرانيا عمرا من دهره