ثم أسلم بعد،
فقرأ القرآن، وفقه في الدين، وكان فيما ذكر أنه كان نصرانيا أربعين سنة ثم عمر في
الإسلام أربعين سنة قال: قال: كان آخر أنبياء بني إسرائيل نبيّا بعثه الله إليهم،
فقال لهم: يا بني إسرائيل إن الله يقول لكم: إني قد سلبت أصواتكم، وأبغضتكم بكثرة
أحداثكم، فهَمُّوا به ليقتلوه، فقال الله تبارك وتعالى له: ائتهم واضرب لى ولهم
مثلا فقل لهم: إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: اقضوا بيني وبين كرمي، ألم أختر له
البلاد، وطيبت له المدرة، وحظرته بالسياج، وعرشته السويق والشوك والسياج
والعَوْسَج، وأحطته بردائي، ومنعته من العالم وفضَّلته، فلقيني بالشوك والجذوع،
وكل شجرة لا تؤكل ما لهذا اخترت البلدة، ولا طيَّبت المَدَرة، ولا حَظَرته
بالسياج، ولا عَرَشْته السويق، ولا حُطْته بردائي، ولا منعته من العالم، فضلتكم
وأتممت عليكم نعمتي، ثم استقبلتموني بكلّ ما أكره من معصيتي وخلاف أمري لمه إن
الحمار ليعرف مذوده، لمه إن البقرة لتعرف سيدها، وقد حلفت بعزّتي العزيزة، وبذراعي
الشديد لآخذنّ ردائي، ولأمرجنّ الحائط، ولأجعلنكم تحت أرجل العالم، قال: فوثبوا
على نبيهم فقتلوه، فضرب الله عليهم الذّل، ونزع منهم الملك، فليسوا في أمة من
الأمم إلا وعليهم ذلّ وصغار وجزية يؤدّونها، والملك في غيرهم من الناس، فإن يزالوا
كذلك أبدا، ما كانوا على ما هم عليه)[1]
والعجيب أن
المقصود بهذا الحديث هو المسيح عليه السلام، فهو بنص القرآن الكريم آخر أنبياء بني
إسرائيل، ومع ذلك يذكر الراوي الذي روى عنه ابن إسحق أنه قتل، وهو يدل على بقائه
على عقيدته في المسيحية، والرواة يذكرون الرواية، ولا يوجهون لها أي نقد، وكأنها
حقيقة مطلقة، مع مخالفتها الصريحة للقرآن الكريم.
وكان الأصل أن
يقوم المحدثون بالحجر على رواياته جميعا بسبب اتهامه بالكذب،
[1] جامع البيان في تأويل القرآن،
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)،
المحقق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م، (17/
387)