إنك لم تجد طالب شيء إلا سيشبع منه يوما من الدهر إلا طالب
علم أو طالب دنيا. فقال: أنت كعب؟، فقال: نعم، فقال: لمثل هذا جئتك[1].
وهكذا انقلب الحال، فبدل أن يصبح كعب الأحبار تلميذا لأبي
هريرة باعتباره صحابيا، صار أبو هريرة تلميذا لكعب، والعجب أن كعبا راح يرغب أبا
هريرة في طلب العلم على يديه، وكأن علوم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم التي حفظها لم تكفه حتى راح يطلب علوما جديدة من
كعب.
وتسلل اليهود، والاعتراف بكتبهم لم يبدأ ـ للأسف ـ مع حكم
معاوية والأمويين فقط، بل بدأ قبل ذلك بكثير، وهذا ما زاد الأمر خطورة؛ فقد روي السيوطي
في (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) عن كثير من المحدثين، هذه الرواية الخطيرة:
فقال عمر بن الخطاب عند ذلك: ألا تسمع يا كعب ما يحدثنا به ابن أم عبد عن أدنى أهل
الجنة ما له فكيف بأعلاهم؟ قال: (يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إن
الله كان فوق العرش والماء، فخلق لنفسه دارا بيده، فزينها بما شاء وجعل فيها ما
شاء من الثمرات والشراب، ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها جبريل ولا غيره
من الملائكة ثم قرأ كعب: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ
قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17][2]
وخطورة هذه الرواية ليس فيما ذكره كعب فقط، وإنما في تحولها
إلى دليل يعتمد عليه ابن تيمية وغيره، ليستنتجوا أن ما يقوله رواة اليهود عن كتبهم
يعود إلى
[2] الدر المنثور في التفسير
بالمأثور، جلال الدين السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، القاهرة، مصر، مركز هجر
للبحوث والدراسات العربية والإسلامية، ط1، 1424هـ/2003م، (8/ 259)