ولعل هذا ما كان يهدف إليه رواة هذه
المجزرة الذين كانت لهم صلات مباشرة ببني أمية؛ والذين كانوا يعلمون أنهم لا
يساوون شيئا أمام كبار الصحابة من السابقين، وخصوصا الإمام علي؛ فلذلك راحوا
يستعملون كل الوسائل لتجويز إمامة المفضول مع وجود الفاضل، أو فتوى المفضول مع
وجود الفاضل، أو حكم المفضول في وجود الفاضل.
وهو ما حصل للأسف في عهد الرواية، حيث
نجد معظم كتب الحديث تترك كبار الصحابة، وتذهب إلى صغارهم مع يقينهم بأن كل
أحاديثهم مدلسة أو مرسلة لكونهم لم يعيشوا تلك الأحداث التي يروونها.
ولذلك فإن الخطورة التي تنجم عن تلك
الروايات هو إقصاء رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في حياته، والتحاكم إلى غيره، وهو
ما تنفيه النصوص المقدسة جميعا، بل تتوعد من يفعل ذلك بالوعيد الشديد، قال تعالى: ﴿
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64)
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 64، 65]، وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا
مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]، وقال: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ
الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ
الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
[النور: 63]
بل إن القرآن الكريم يذكر عن الصحابة
أنهم كانوا يستأذنونه a في أبسط الأشياء، وهل يمكن لمن يفعل ذلك أن يقبل
استبدال شخصه برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،