بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ
وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ
أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾
[ص: 21 - 24]، وهذه الآيات الكريمة تشير إلى ضرورة سماع كل الخصوم حتى يتبين الحق
من الباطل، وعدم الاستعجال بالحكم قبل ذلك، ولذلك بادر داود عليه السلام إلى الاستغفار،
لأنه حكم بناء على سماعه لطرف واحد.
وهكذا أخبر الله تعالى عن سليمان عليه
السلام أنه لم يستعجل بعقوبة الهدهد حتى سمع حجته، قال تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ
الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ
(20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ
لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: 20، 21]
وهكذا أخبر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن
نفسه، وأنه يحكم فيهم بحسب الظاهر؛ وبحسب الحجج التي يدلونها، ففي الحديث عن أم
سلمة؛ أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم سمع حلبة خصم بباب حجرته، فخرج إليهم فقال: (ألا
إنما أنا بشر، وإنما أقضي بنحو مما أسمع، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض،
فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها، أو ليذرها)[1]
وفي رواية عن أم سلمة قالت: جاء رجلان
من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في مواريث بينهما قد درست، ليس
عندهما بينة، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر،
ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من
حق أخيه
[1] صحيح البخاري برقم (2458) وصحيح
مسلم برقم (1713) ..