شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من
النار، يأتي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة)، فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي
لأخي فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق،
ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه)
وبناء على هذا نص الفقهاء على وجوب
السماع للمتهمين، وإعطاء كل الفرص لهم حتى يدلوا بحججهم، وعدم الحكم على الجميع،
انطلاقا من أخطاء البعض.
الاعتراض الرابع:
أن سعدا كان يمكنه أن يحكم بحكم آخر،
وأن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يكن ليعتب عليه، لأنه فوضه الحكم فيهم، وهذا ما يجعل مصير قبيلة كاملة
في يد شخص واحد غير معصوم، مع أن الله تعالى لم يخول ذلك لأحد من الناس حتى لرسله
الكرام عليهم الصلاة والسلام؛ فكيف بغيرهم.
ولهذا كان الأولى بالحكم هو أكثر الناس
علما وحكمة وتوفيقا من الله تعالى، وليس ذلك لأحد غيره a ما دام
حيا، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ
لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ
خَصِيمًا﴾ [النساء: 105]؛ فالآية الكريمة تربط بين إنزال الكتاب، وبين
إعطاء الصلاحيات لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم للحكم به.
وهكذا أخبر القرآن الكريم أن داود
وسليمان عليهما السلام هما اللذان كان يحكمان، لا أحد من أتباعهما، قال تعالى: ﴿وَدَاوُودَ
وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ
الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ
وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: 78، 79]