بدأت بالمشاغبة والمؤامرة الدنيئة ضدّ
الاسلام، فذهب كعب بن الأشرف الى مكة، وأخذ يتباكى ـ دجلاً وخداعاً ـ على قتلى
بدر، ويذرف عليهم دموع التماسيح، ولم يفتأ عن تأليب قريش ضد رسول الاسلام وأصحابه
حتى عزمت قريش على تسيير جيشها نحو المدينة، وكانت واقعة (اُحُد) التي استشهد فيها
اثنان وسبعون من خيرةأبناء الاسلام، ورجاله، وهكذا فعلت بنو النضير المتآمرون
الخونة، الذين عفا عنهم رسولُ اللّه a واكتفى من عقابهم بمجرّد
اجلائهم عن المدينة، ولكنهم قابلوا هذا الموقف الانساني، بتأليب القبائل العربية
المشركة ضد الاسلام، والمسلمين، وكوّنوا اتحاداً نظامياً بينها، وألفوا منها جيشاً
قوياً ساروا به الى عاصمة الاسلام (المدينة)، فكانت وقعة (الاحزاب) التي لولا حنكة
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وخطة حفر الخندق لقضي على الاسلام بسببها منذ الايام الاُولى، ولما بقي
من ذلك الدين خبر ولا أثر ولقتل آلاف الناس)[1]
وما ذكره الشيخ السبحاني يصور ما فعله
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مع بني قينقاع وبني النضير بالتصرف الخاطئ المرتبط بالعواطف، كما عبر عن
ذلك بقوله: (لقد لاحظ سعد بن معاذ كل هذه الاعتبارات، فلم تسمح له التجارة الماضية
بأن يستسلم لعواطفه، ويضحّي بمصالح الآلاف في سبيل الحفاظ على مصالح أقلية لأنه
كان من المسلّم به أن هذا الفريق سيقوم في المستقبل بايجاد تحالف عسكري أوسع،
وسيثير ويؤلب قوى العرب ضد الاسلام، ويعرّض مركز الاسلام، ومحوره الاساسي للخطر من
خلال تدبير مؤامرات اُخرى)
[1] سيد المرسلين a دراسة
تحليلية للشخصية والسيرة المحمدية في شتى ابعادها الاجتماعية والرسالية والسياسية
والعسكرية، محاضرات: الشيخ جعفر السبحاني، بقلم: جعفر الهادي، مؤسسة النشر
الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، الطبعة: الثالثة 1427هـ، 2/293.