فلما وقفت
ارتفع ثوبها وانكشف جسدها؛ فأخذ اليهود يضحكون منها ويتندرون عليها؛ فصاحت تستنجد
من يعينها عليهم، فتقدم رجل مسلم رأى ما حدث لها، فهجم على اليهودي فقتله، ولما
حاول منعهم عنها وإخراجها من بينهم تكاثر عليه اليهود وقتلوه[1].
وللأسف فإن
الذين يبررون التساهل في أمر بني قينقاع مع جرائمهم الكبيرة، وخياناتهم العظيمة
يجعلون الفضل في ذلك لا لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ولا
لعدالة الشريعة ورحمتها، وإنما لرجل من المنافقين، بكونه هو الذي شفع فيهم، وبذلك
استطاع أن يحييهم، في نفس الوقت الذي يرمون فيه سعدا بأنه السبب في هلاك رجال بني
قريظة، وسبي نسائهم، أو أن بني قريظة لم يجدوا من المنافقين من يقف معهم.
وقد ذكر ذلك كل
المؤرخين في سيرهم، يقول الشامي: (ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وكان لهم من حلفه مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي
ابن سلول، فجعلهم إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
وتبرّأ إلى الله تعالى ورسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله: أتولّى الله ورسوله
والمؤمنين وأبرأ من حلف هؤلاء الرّجال، فقام إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عبد الله بن أبي ابن سلول حين أمكنه الله منهم،
فقال: يا محمد أحسن في مواليّ، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال: يا محمد أحسن في مواليّ فأعرض عنه، فأدخل يده
في جيب درع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من خلفه، وكان يقال
لها: ذات الفضول، فقال له رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (ويحك
أرسلني)، وغضب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم حتى
رأوا لوجهه ظللا، ثم قال: ويحك أرسلني، قال: والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليّ:
أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة
واحدة، إنى والله امرؤ أخشى الدّوائر، فقال a: (خلّوهم لعنهم الله ولعنه معهم)، وتركهم من القتل،
وأمر بهم أن يجلوا من المدينة، فخرجوا
[1] محمد رسول الله a، محمد
رضا، دار الكتب العلمية - الطبعة الثانية 2008، ص174.