القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا)[1]
وكانوا لذلك أول
الجماعات اليهودية إعلانا للعداوة للمسلمين، ولم يتوقفوا لحظة عن إحداث الشقاق
وإثارة المشكلات بين صفوفهم، بل كانوا مصدر إيحاء وتوجيه للمنافقين، وتأييد
وتشجيع للمشركين، وكان موقفهم يوم بدر مشابها تماما لموقف بني قريظة، مع أن
المسلمين في غزوة بدر، كانوا أقل عددا، وأكثر ضعفا.
يقول محمد بن
يوسف الصالحي الشامي موضحا المدى الذي بلغه إجرام بني قينقاع: (ولمّا قدم النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم المدينة مهاجرا وادعته يهود كلّها، وكتب بينه وبينهم
كتابا، وألحق كلّ قوم بحلفائهم وجعل بينه وبينهم أمانا، وشرط عليهم شروطا: منها:
ألّا يظاهروا عليه عدوّا، فلما كان يوم بدر كان بنو قينقاع أول يهود نقضوا العهد،
وأظهروا البغي والحسد، وقطعوا ما كان بينهم وبين رسول الله من العهد، فجمعهم بسوق
بني قينقاع وقال: (يا معشر يهود أسلموا، فو الله إنكم لتعلمون إني رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النّقمة فأسلموا،
فإنكم قد عرفتم أنّي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم)، قالوا: يا محمد
إنك ترى أنّا مثل قومك، لا يغرّنّك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم
فرصة، إنا والله لئن حاربتنا لتعلمنّ أنّا نحن النّاس) [2]
بل روي فوق ذلك،
وفي ظل تلك الخيانة محاولتهم التلاعب بأعراض المسلمات، وهو ما لم يفعله بنو قريظة،
فقد روي أن امرأة مسلمة، كانت زوجة لأحد المسلمين الأنصار، كانت في السوق؛ فقصدت
أحد الصاغة اليهود لشراء حلي لها، وأثناء وجودها في محل ذلك الصائغ اليهودي، حاول
بعض المستهترين من شباب اليهود رفع حجابها والحديث إليها، فامتنعت وأنهته؛ فقام
صاحب المحل الصائغ اليهودي بربط طرف ثوبها وعقده إلى ظهرها،
[1] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير
العباد (4/ 179).
[2] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير
العباد (4/ 179).