من الشباب
اليافعين، الذين لم يكن لهم من جريمة سوى أن قام بعض قادتهم بالخيانة في نفس الوقت
الذي يترضون فيه على رجل لم يسلم إلا بعد أن تحول إلى مليونير، ويعدونه من جملة
الصحابة، ويحرمون الكلام عنه، في نفس الوقت الذي يلعنون فيه شباب بني قريظة.
ونحن لا ننكر أن
يكون رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم رحيما، ولكن ننكر اختصار رحمته في التعامل
مع صفوان وعكرمة وغيرهما.. بل نعتقد أن رحمته a شملت الجميع، بل هي رحمة للعالمين، ولذلك كانت قصة
صفوان في حال صحتها دليلا على كذب قصة بني قريظة، ذلك أنه يستحيل على شخص واحد أن
يكون رحيما لتلك الدرجة مع بعض أعدائه، وقاسيا في نفس الوقت على غيرهم ممن هم
دونهم بكثير.
2 ـ الرفق والرحمة بالمنافقين:
مع ما ورد في
النصوص المقدسة الكثيرة من اعتبار المنافقين أخطرالفئات التي حاربت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، واستعملت كل الوسائل في ذلك إلا أننا نجد رسول الله
a تعامل معهم بكل لطف ورحمة لدرجة لا يمكن
تصورها.
ولو طبقنا تلك
المعاملة مع من هم أدنى بكثير، وهم يهود بني قريظة ـ وباتفاق جميع العلماء ـ نجد
فرقا كبيرا جدا، يجعلنا نتأكد تماما أن ما خص به بنو قريظة من تلك الروايات ليست
سوى حرب للإسلام، ولرحمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
وسنقتصر هنا على
بعض الأمثلة على ذلك، وهي مشهورة، والكثير من الخطباء يرددونها ليبينوا المدى الذي
وصلت إليه رحمته a، ولكنهم في نفس الوقت يهدمون كل ذلك البنيان
عندما يقبلون معه، تلك الأكاذيب المرتبطة ببني قريظة.
ومن تلك الأمثلة
ما يذكرون أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم حاول أن يتجاوز
القرآن الكريم في تعامله مع عبد الله بن أبي، وذلك بعد أن نزل عليه قوله تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ
لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 80]
ففي الحديث عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبى
بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فسأله أن يعطيه
قميصه ليكفنه فيه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يصلي عليه، فقام عمر بن الخطاب فأخذ بثوبه فقال: يا رسول الله، تصلي
عليه وقد نهاك الله عنه؟ فقال رسول الله: (إن ربي خيرني)،