وقد ذكر القرآن الكريم عنهم ذلك، فقال: {وَقَالَتْ
طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [آل
عمران: 72]
وقد كانوا يعلمون أيضا بأن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم حتى
لو تظاهروا بالإسلام؛ فإنه لن يفتش قلوبهم، بل يتركهم، كما ورد ذلك في القرآن
الكريم؛ فالله تعالى ينهى المؤمنين حتى وهم يتسايفون مع أعدائهم، أن يقتلوا عدوهم
في حال هزيمته إن اتقى بالإسلام، ولو كان ذلك ادعاء، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا
تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ
كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94]
وقد ورد في تفسير الآية عن المقداد بن
الأسود أنه قال: يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار، فقاتلني، فضرب إحدى
يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أفأقتله يا رسول الله بعد
أن قالها؟ قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (لا تقتله)، قال: فقلت: يا رسول الله، إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد
أن قطعها، أفأقتله؟ قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن
يقول كلمته التي قال)[1]
وعن أسامة بن
زيد قال: بعثنا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم، فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه
قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما