عثمان النهدي وغيرهما عن النبي k من قبيل المرسل لا من قبيل المدلس)[1]
والتأمل في هذه التعاريف وحدها كاف في بيان خطورة التدليس
الذي لم يكد ينجو منه أحد.. ولهذا نجد مشايخ المحدثين يعتذرون لأنفسهم إن اكتشف
تدليسهم بأن لهم أسوة في ذلك بمن سبقهم من المحدثين الثقاة، قال ابن المبارك: (قلت
لهشيم: لِمَ تُدَلِّس، وأنت كثير الحديث؟ فقال: كبيراك قد دَلَّسا الأعمش وسفيان) [2]
بل يذكرون بأن أول من سن سنة التدليس الصحابة، كما قال الذهبي
تعليقا على قول شعبة: (كان أبو هريرة يدلس): (قلت [أي الذهبي]: تدليس الصحابة
كثير، ولا عيب فيه، فإن تدليسهم عن صاحب أكبر منهم، والصحابة كلهم عدول)[3]
ومن الأمثلة عن تدليس الصحابة، والذي لا يمكن اكتشافه بسهولة،
أن أبا هريرة لا يروي فقط أقوالا بل يضيف إليها مواقف حصلت له، مع أنها لم تحصل..
فهو يصدر معظم رواياته بقوله: قال رسول الله k أو سمعت، أو حدثني دون أن يكون سمع من النبي k أو تحدث معه.. بل إنه فوق ذلك روى مشاهد كثيرة لم
يحضرها، كحديثه عن فتح خيبر، وحديث دخوله على رقية زوجة عثمان، التي توفيت في
الثانية من الهجرة، رغم أنه أسلم بعد فتح خيبر سنة سبع من الهجرة.. وأنه أفتى بفطر
من أصبح جنبا في رمضان قبل الغسل، ولما
[1]النكت
على كتاب ابن الصلاح، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني
(المتوفى: 852هـ)، المحقق: ربيع بن هادي عمير المدخلي، عمادة البحث العلمي
بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى،
1404هـ/1984م، (2/623)
[2]41.
تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1404 ه،
(4/281)