ومن شتى
المصادر، حتى لو كان علما مختلطا، وهو على خلاف ما انتهجه كبار الصحابة السابقين
من أمثال ابن مسعود، فقد روي عنه أنه جاءه رجل، فقال له: (من أين جئت؟). قال: (من
الشام). قال: (من لقيت؟). قال: (لقيت كعبا). فقال: (ما حدثك كعب؟). قال: (حدثني أن
السماوات تدور على منكب ملك). قال: (فصدقته أو كذبته؟). قال: (ما صدقته ولا كذبته).
قال (ابن مسعود): (لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه، براحلتك ورحلها. وكذب كعب! إن
الله يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ
تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾[فاطر:
41])[1]،
وفي رواية أن ابن مسعود قال عن كعب: (ما تنتكت اليهودية في قلب عبد فكادت أن
تفارقه)، وفي رواية أخرى: (كذب كعب. ما ترك يهوديته)[2]
وهذا ما شهد له
به أيضا حذيفة بن اليمان أعلم الناس بالمنافقين، فقد روى قتادة قال: بلغ حذيفة أن
كعبا يقول: (إن السماء تدور على قطب كالرحى)، فقال حذيفة: (كذب كعب! إن الله يقول:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾[فاطر:
41])[3]
بل إن المقربين
له من بني أمية أنفسهم شهدوا عليه بالكذب، فقد روي أن معاوية قال عن كعب الأحبار: (إن
كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا –مع
ذلك– لنبلو عليه الكذب)[4]
ولهذا نجد
المحققين المعاصرين ينكرون عليه، وعلى كل اليهود الذين كانوا على
[1] الطبري في تفسيره (22/144)، قال
ابن كثير في تفسيره (3/562): (وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود)
[2] الجامع لأحكام القرآن ، ، القرطبي
، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري ، توفي سنة 671 هـ، القاهرة ، دار الكتاب
العربي ، سنة 1387 هـ، (14/357).
[3] الإصابة في تمييز الصحابة، أبو
الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ)، تحقيق:
عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة:
الأولى - 1415 هـ،(5/650).