قلت: لقد اعتبر الله تعالى النوم
سباتا.. فماذا يسبت؟
قال: يسبت تعب اليقظة، ويملأ
نفسك بالراحة التي تجعلك مولودا جديدا، بنشاط جديد.. فكأنه يقطع حياة لتبدأ حياة.
قلت: هذا صحيح، وقد
أشار إليه قوله تعالى:﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ
مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى
عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الزمر:42)، فقد أخبر تعالى أن النوم
نوع من الوفاة.. وبالتالي تكون اليقظة نوعا من الولادة.
قال: ولهذا امتن
الله تعالى على الصحابة يوم بدر بأن رزقهم النعاس والنوم في وقت تنخلع فيه
القلوب، واعتبر الله تعالى ذلك من أسباب ربط قلوبهم وتثبيتها وتقويتها، قال تعالى:﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ
وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ
عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ
الْأَقْدَامَ﴾ (لأنفال:11)
قلت: بل اعتبر الله
تعالى النوم من آياته، فقال تعالى:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ
مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾(الروم:23)
قال: ولهذا، فإن
النوم من العبادات التي وردت النصوص بوجوبها.
ضحكت، وقلت: عدت ـ
يا معلم ـ إلى الوجوب مرة أخرى، ألم أذكر لك ما قال الفقهاء والأصوليون؟
قال: لن أناقشك في
هذا، ولكني أطلب منك أن تقرأ لي قوله a لعبد الله بن
عمرو عندما رآه مشتدا على نفسه.
قلت: لقد قال له:(ياعبد
الله ألم أُخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل) قال: بلى يا رسول الله قال:(فلا
تفعل، صُم وأفطر وقُم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك
عليك حقا)