نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 134
وكان من عادة
المتوكل كذلك، مثله مثل سائر أتباع الملك العضوض الاهتمام بالمضحكين والمهرجين،
وفي مجالسه الخاصة، المرتبطة بالحكم، وقد ذكروا أنه كان له مضحكان، يقال لأحدهما
شعرة، وللآخر بعرة[1].
أما مجالس شرابه
ولهوه، فقد نصت عليها كتب التاريخ والأدب، التي ألفها من يعظمونه ويحترمونه،
ويؤمنون أنه ناصر للسنة، ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره ياقوت الحموي عن بعضهم قال:
(كنت أرى علي بن يحيى بن علي المنجم فأرى صورته وصغر خلقته ودقة وجهه وصغر عينيه
وأسمع بمحله من الواثق والمتوكل فأعجب من ذلك وأقول، بأيّ سبب يستظرفه الخليفة؟
وبماذا حظي عنده، والقرد أملح منه قباحة؟! فلما جالست المتوكل رأيت علي بن يحيى قد
دخل على المتوكل في غداة من الغدوات التي قد سهر في ليلتها بالشرب، وهو مخمور
يفور حرارة، مستثقل لكلّ أمر يخفّ دون ما يثقل، فوقف بين يديه، وقال: يا مولاي
أما ترى إقبال هذا اليوم وحسنه وإطباق الغيم على شمسه وخضرة هذا البستان ورونقه،
وهو يوم تعظّمه الفرس وتشرب فيه لأنه هرمز روز، وتعظّمه غلمانك وأكرتك مثلي من
الدهاقين، ووافق ذلك يا سيدي أن القمر مع الزهرة، فهو يوم شرب وسرور وتخلّ بالفرح،
فهشّ اليه وقال: ويلك يا عليّ ما أقدر أن أفتح عينيّ خمارا، فقال: إن دعا سيدي
بالسواك فاستعمله وغسل بماء الورد وجهه وشرب شربة من ربّ الحصرم أو من مبنّة مطيبة
مبرّدا ذلك بالثلج انحلّ كلّ ما يجد، فأمر باحضار كل ما أشار به، فقال عليّ: يا سيدي
وإلى أن تفعل ذاك تحضر عجلانيتان بين يديك مما يلائم الخمار ويفتق الشهوة ويعين
على تخفيفه فقال: أحضروا عليّا كل ما يريد، فأحضرت العجلانيتان بين يديه وفراريج
كسكر قد صففت على أطباق الخلاف وطبخ حماضية وحصرمية ومطجنة لها مريقة، فلما فاحت