نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 86
(والمقصود أن
أهل الذمة يؤخذون بتمييزهم عن المسلمين في شعورهم إما بجز مقادم رؤوسهم وإما
بسدلها، ولو حلقوا رؤوسهم لم يعرض لهم)[1]
هذا نموذج عن
المظالم التي اتفق على تشريعها الحكام المستبدون، مع أعوانهم من الفقهاء، والإسلام
بريء منها، فالإسلام دين السماحة والسلام والقيم الرفيعة، ويستحيل أن يفرض مثل هذه
الأحكام الجائرة، التي لا تختلف عن أنظمة التمييز العنصري.
ولم يكتف هارون
بذلك أيضا، بل راح إلى غير المسلمين في البلاد غير الإسلامية يعلن عليهم الحرب،
ويملؤهم حقدا على المسلمين والإسلام.
وربما يعرف
الكثير من الناس ما يذكره الخطباء وغيرهم بفخر واستعلاء، من أن من حسنات هارون أنه
كان يغزو عاما، ويحج عاما، ولم يسألوا أبدا من يغزو، ولماذا يغزو، وهل الأصل في
الإسلام السلم أم الحرب، وهل الحاكم الصالح هو الذي يسعى لحل المشاكل بينه وبين
الدول الأخرى بالسلم، أم الذي يعتمد على العنف؟
وسأنقل هنا حادثة
ذكرها ابن كثير وغيره من المؤرخين، وهي محل إعجاب الكثير من الناس، وخاصة أولئك
الخطباء الذين يرددونها وهم في غاية النشوة والاستعلاء والكبرياء، فقد قال في
تأريخه لأحداث 187 هـ: (وفيها نقضت الروم الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين،
الذي كان عقده الرشيد بينه وبين رني ملكة الروم الملقبة أغسطة.. وذلك أن الروم
عزلوها عنهم وملكوا عليهم النقفور، وكان شجاعا، يقال إنه من سلالة آل جفنة، فخلعوا
رني وسملوا عينيها.. فكتب نقفور إلى الرشيد: (من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك
العرب، أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام
البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقا بحمل أمثاله إليها، وذلك من ضعف
النساء