قلت: نعم لقد نظرت إليه، فنشر من الحزن ما كان كامنا، ومن الهم ما كان مدفونا.
قال: انظر إليه، ولا تنظر إلى ثيابه، فالثياب كفن الإنسان، لا روح الإنسان.
نظرت إلى سحنة وجهه، فإذا بها شاحبة قد اعتصرتها الأيام، وكأنها أكلت لحمه وعظمه، ولم تبق له إلا جلدة شاحبة تستر جمجمته.
قلت: لقد نظرت، فما زادتني رؤيتي له إلا هما.
قال: انظر إليه إنسانا لا جمجمة، ألم تعلم أن الإنسان كل لا يتجزأ، وحقيقة لا تتعدد؟
نظرت إليه مجموعا، فلم أزدد إلا هما، لقد رأيت قواما شاحبا، ورجلين كعودين يقوم عليهما هيكل لو شاء النسيم العليل أن يهوي به لفعل.
ضحك، وقال: لم تزدد إلا هما.
قلت: كأني بك تمزح بي، طلبت منك أن تمسح همي، فزدتني هما على هم.
قال: لا بأس عليك سيمسح همك، اصبر، وإلا قلت لك ما قيل لموسى u:{ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً}(الكهف: 67)
قلت، وقد أصابتني رعدة من أن يفارقني كما فارق الخضر موسى u