قال: انظر إلى ذلك الذي ملأت قلبك
غما من أجله، لتنجلي أحزانك.
نظرت، فإذا بذلك الظل الذي لا قوام
له، والشبح الذي لا ظل له، يبتسم ابتسامة دونها ابتسامة الملوك، ويصيح ملء فيه:(
الحمد لله رب العالمين صاحب الفضل العظيم.. أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا.. ومن كل
شيء أعطانا )
كانت كلماته كألحان عذبة.. تفوح
بروائح عطرة.. تشرق مثل لآلئ البحر المكنون..
جلس إلى صبية له تبدو عليهم علائم
السرور، ومخايل النجابة، فحدثهم وداعبهم وضحك إليهم وضحكوا له.
لم يكن في بيته شيء يستدعي افترار
الثغر عن الابتسامة، إنما هو جدار بال، وفراش بسيط، وفي زاوية البيت فأس ورفش، لست
أدري ما علاقتهما بالبيت، وما علاقة البيت بهما.
قال لي المعلم: اذهب إلى هذا الذي
اهتممت له، واسأله ما يشكو، وما يطلب، وسأحقق له ـ بفضل الله ـ طلبته.
فرحت، فلعل في قدرات المعلم ما يرفع
جداره، ويرفه فراشه، ويدسم طعامه، ولم أدر إلا وأنا أخاطب الفقير بقولي: ما الذي
تفتقده؟ وما الذي تريده؟ فإن عجزت عن إعطائك في الصباح، فقد وجدت من يعطيك في