قال: أتعلم الصفة الرابعة التي ترفع
أملك عن الخلق لتوجهه إلى الله؟
قلت: إنها العجز، لقد ذكرت لي ذلك،
ولكنها صفة المستضعفين، وهي بالفقراء ألصق، فهم إن لم يقعد بهم عجز قواهم الصحي قعد
بهم عجز جيوبهم، فعيونهم بصيرة وجيوبهم قصيرة.
قال: بل الخلق كلهم عاجزون، لا
ينفعون ولا يضرون ألم تسمع قوله a لبعض أصحابه:( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله
تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت
على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك
بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف )[1]
قلت: لقد قرأت الحديث وحفظته.
قال: ليس الشأن أن تحفظه، ولكن
الشأن أن تعيشه.
قلت: فكيف أعيشه؟
قال: تقرر معانيه في قلبك، لتنتقل
من كونها علما إلى كونها حقيقة، ومن كونها حقيقة إلى كونها معرفة.