قلت: أقذر شيء إلى نفسي أن أتناول
جيفة أو أشرب دما أو أذوق لحم خنزير، ومع ذلك، فإني إذا اضطررت إلى تناولها
تناولتها لأحفظ حياتي، كما قال تعالى:{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ}(النحل:115)
قال: ولماذا اضطررت إلى هذه
المستقذرات؟
قلت: لعزة غيرها، وعدم ظفري به.
قال: ففي تلك الحالة التي تقف فيها
على أعتاب الموت ماذا تشعر؟
قلت: أشعر بضياع عظيم وانحدار عميق،
فالموت بأشباحه ينتهز فرصة غفلتي ليضمني إلى حزبه.
قال: ألا تيأس في ذلك الحين؟
قلت: أيأس فقط؟.. بل تجتمع في بحري
كل أنهار الكآبة وكل سيول الحزن.
قال: في ذلك الحين يمكنك أن تتعلم
لسان الاضطرار؟
قلت: كيف؟
قال: لسان الاضطرار يتولد من شعورك
بعدم كل شيء إلا وجوده، وبفقد كل شيء إلا رحمته، وباليأس من كل شيء إلا الأمل فيه.
قلت: أهذا الشعور وليد ظرف خاص أمر
به، أم هو وليد كل ظرف؟