قال: فلذلك فإن العارفين قد يصبرون
على كل شيء، ولكنهم لا يصبرون عن الله.
قلت: لقد ذكرتني ببعض الصالحين.
قال: حين وقف عليه رجل، فقال: أي
صبر أشد على الصابرين فقال: الصبر في الله قال السائل: لا، فقال: الصبر لله، فقال:
لا، فقال: الصبر مع الله، فقال: لا، قال: فإيش هو قال: الصبر عن الله، فصرخ الصالح
صرخة كادت روحه تتلف.
قلت: قد فهمت اضطرار العارفين، فما اضطرار
غيرهم؟
قال: أما غيرهم، فلا يشعرون بالله
إلا عندما تضيق بهم السبل، وتوصد في وجوههم جميع الأبواب، ألم تسمع قوله تعالى:{ هُوَ الَّذِي
يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ
وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ
دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ
لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}(يونس:22)
قلت: بلى، ولها نظيرات في القرآن
الكريم، فالله تعالى يقول:{ وَمَا بِكُمْ