قال: ولكن العارفين يشعرون دائما
أنهم في حال من أبيح له أكل الميتة.
قلت: لم أفهم.. فلم أسمع أن العارفين
يبيحون لأنفسهم أكل الميتة باعتبارهم مضطرين.
قال: هم لم يضطروا للميتة، ولن
يضطروا لها، فخزائن الله تغنيهم عنها، ولكنهم مضطرون لله.
قلت: لم أفهم.
قال: لا يرون لحياتهم معنى ولا
وجودا من غير الله.
قلت: كل الخلق كذلك، فلا يمكن أن
يوجد موجود من غير إيجاد الله.
قال: ولكنهم يعيشون هذا المعنى
ويستشعرونه ولا يكتفون بوضعه في زاوية مهملة من زوايا عقولهم.
قلت: فكيف يستشعرون هذا؟
قال: أتضطر أنت إلى التنفس؟
قلت: وكيف لا أضطر، ولولاه لاختنقت.
قال: فكذلك ضرورتهم إلى الله، بل هي
أشد في أنفسهم من ضرورة الهواء والماء، ألم تسمع إلى بعض الصالحين، وقد جاءه رجل،
فقال: رأَيت في المنام كأَنك تموت إلى سنة، فقال الصالح: لقد أجلتنى إلى أجل بعيد
أعيش إلى سنة.
قلت: فهذا يتمنى الموت الذي نهانا a أن نتمناه؟
قال: هذا يحب لقاء الله الذي أمرنا
الله تعالى برجائه، فقال:{ مَنْ كَانَ يَرْجُو