فشعرت
بذلك الفرح العظيم الذي سرى في قلوب الأمة عندما جاءها الحبيب، فراحت تحتضنه بكل
مشاعرها حتى نسيت في حبه النفس والأهل والمال.
في ذلك
الحين تذكرت زيد بن الدثنة.. وما أدراك ما زيد بن الدثنة !؟
لقد
أخرجه أعداؤه من أهل مكة من الحرم ليقتلوه، فقال له أبو سفيان: (أنشدك بالله يا
زيد أتحب أن محمداً الآن عندنا مكانك لضرب عنقه وإنّك في أهلك؟) فقال زيد: (والله
ما أحبّ أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة، وإنّي جالس في أهلي)،
فقال أبو سفيان: (ما رأيت الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمدا)[1]
وذكرت
تلك الأنصارية التي قتل أبوها وأخوها وزوجها، فأخبروها بذلك، فقالت: (ما فعل الله
برسول الله؟) قالوا: (بحمد الله كما تحبين)، قالت: (أرونيه حتى أنظره)، فلما رأته
قالت: (كل مصيبة بعدك جلل)[2]
وذكرت
ذلك الرجل الصالح الذي ادخر لآخرته أعظم زاد يمكن أن يدخره مؤمن.. فعن أنس قال: بينا
أنا ورسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: ( ما
أعددت لها ؟) قال: (ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله)، قال: (فأنت مع من أحببت)[3]
وذكرت
تلك الأمنية العزيزة التي كانت تتردد في نفس ربيعة بن كعب الأسلمي.. فلما واتته
الفرصة راحة يطلبها من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. قال يحدث عن نفسه: كنت أبيت عند النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: (سل)
فقلت: (يا رسول اللّه أسألك مرافقتك في الجنة