دخلت،
وحييته معتذرا عن تنصتي عليه، فقال: لا بأس عليك.. ربما لا يصلح لحديثنا إلا هذا
المجلس.. وفي هذا الوقت من الليل الذي يفترش فيه المحبون أقدامهم ليتنعموا بحرارة
الأشواق الرفيعة.
قلت:
لقد سمعتك تنشد أبياتا ممتلئة حبا ساميا، وأشواقا طاهرة.
قال:
تلك بعض نفثات قلوب المحبين التي امتلأت بحرارة الإيمان والمحبة والشوق.
قلت:
أيام جميلة هي تلك الأيام التي عاصرها أولئك الشعراء.
قال:
وتلك الأيام لن تنقضي.. إن القلوب التي عبرت لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن محبتها وأشواقها لا تزال حية
تنبض بالحياة.
قلت:
أين ذلك.. وقد ملأ الإعلام المنحرف قلوب الناس بالأشواق المدنسة، والهمم المنحطة..
لقد صار الحب بين الناس ـ في ظل هذه الحضارة المتعفنة ـ مرادفا للانحراف والفساد
والرذيلة.. وصارت أشواق المحبين الرفيعة سلعة رخيصة تباع في سوق النخاسة.. وصار
الأبطال في هذا الزمان هم كل راقص ومطبل ومزمر وناعق.
قال:
ذلك سراب سرعان ما يفطن له الناس.. وذلك ضباب سرعان ما تشرق عليه الشمس لينقشع عن
الحقيقة.
قلت:
إلى متى !؟
قال:
ذلك ليس بعيدا.. بل كل شيء يقرب إليه.
نظر من
كوة النافذة إلى السماء المزينة بزينة النجوم، ثم قال: لقد عرفت في حياتي الطويلة كثيرا
من الناس لاحظت في عيونهم ووجوههم وقلوبهم حرارة الشوق العظيم إلى محمد a.. لقد تشرفت بلقائهم والحديث
إليهم..
قاطعته
قائلا: فهل ستحدثني عنهم؟
قال:
أجل..سأحدثك اليوم عن القلوب التي امتلأت بحب محمد a.. أو شعرت في