الباب
متهيباً الدخول، فصعدت وأخذت نفساً طويلاً، وهبطت ثانية لم تكن رجلاي قادرتين على
حملي!مددت يدي إلى قبضة الباب فبدأت ترتجف، ثم هرعت إلى أعلى الدرج ثانية … شعرت بالهزيمة، وفكرت بالعودة إلى
مكتبي.. مرت عدة ثوانٍ كانت هائلة ومليئة بالأسرار اضطرتني أن أنظر خلالها إلى
السماء، لقد مرت عليّ عشر سنوات وأنا أقاوم الدعاء والنظر إلى السماء!أما الآن فقد
انهارت المقاومة وارتفع الدعاء: (اللهم إن كنت تريد لي دخول المسجد فامنحني
القوة)، نزلت الدرج، دفعت الباب، كان في الداخل شابان يتحادثان. ردا التحية،
وسألني أحدهما: هل تريد أن تعرف شيئاً عن الإسلام؟ أجبت: نعم، نعم .. وبعد حوار
طويل أبديت رغبتي باعتناق الإسلام فقال لي الإمام: قل أشهد، قلت: أشهد، قال: أن لا
إله، قلت: أن لا إله ـ لقد كنت أؤمن بهذه العبارة طوال حياتي قبل اللحظة ـ قال:
إلا الله، رددتها، قال: وأشهد أن محمداً رسول الله، نطقتها خلفه.
لقد كانت
هذه الكلمات كقطرات الماء الصافي تنحدر في الحلق المحترق لرجل قارب الموت من الظمأ
… لن أنسى
أبداً اللحظة التي نطقت بها بالشهادة لأول مرة، لقد كانت بالنسبة إليّ اللحظة
الأصعب في حياتي، ولكنها الأكثر قوة وتحرراً.
بعد
يومين تعلمت أول صلاة جمعة، كنا في الركعة الثانية، والإمام يتلو القرآن، ونحن
خلفه مصطفون، الكتف على الكتف، كنا نتحرك وكأننا جسد واحد، كنت أنا في الصف
الثالث، وجباهنا ملامسة للسجادة الحمراء، وكان الجو هادئاً والسكون مخيماً على
المكان !! والإمام تحت النافذة التي يتسلل منها النور يرتدي عباءة بيضاء!صرخت في
نفسي: إنه الحلم!إنه الحلم ذاته … تساءلت: هل أنا الآن في حلم حقاً فاضت
عيناي بالدموع، السلام عليكم ورحمة الله، انفتلتُ من الصلاة، ورحت أتأمل الجدران
الرمادية!تملكني الخوف