الإرسالية
الأمريكية، وتصادف وصولي مرحلة (الثقافة) المدرسية مع اندلاع الحرب العالمية
الثانية، وتعرض مدينة الإسكندرية لأهوال قصف الطائرات.. فاضطررنا للهجرة إلى أسيوط
حيث استأنفت في كليتها، وقد دفعتني أخبار الحرب والنكبات لأن أنظر إلى العالم نظرة
أعمق قادتني للاتجاه إلى دعوة السلام وإلى الكنيسة.. التي كانت ترصد رغباتي وتؤجج
توجهاتي.. فالتحقت بكلية اللاهوت سنة 1945م وأمضيت فيها ثلاث سنين.
قلت:
الأصل في مثل هذه الكلية أن تعمق فيك التوجه للمسيحية..
قال:
أجل.. ذلك صحيح.. لقد درسنا مقدمات العهد القديم والجديد، والتفاسير والشروحات
وتاريخ الكنيسة.. ولكنا لم نكتف بذلك، فنظام الكلية يدرس تاريخ الحركة التنصيرية
وعلاقتها بالمسلمين، ولهذا درسنا القرآن الكريم والأحاديث النبوية …
قلت:
أكانت هذه الدراسة لمجرد الاطلاع العلمي؟
قال:
لا.. لا يمكن أن تهدف كلية مثل تلك الكلية لهذا الهدف النبيل.. لقد كانوا يهيئوننا
للحوار المستقبلي مع المسلمين، لنستخدم معرفتنا لنحارب القرآن بالقرآن، والإسلام
بالنقاط السوداء في تاريخ المسلمين.
لقد كنا
نحاور الأزهريين وأبناء الإسلام بالقرآن لنفتنهم، فنستخدم الآيات مبتورة عن
سياقها، لنخدم أهدافنا.. لقد كان لدينا في هذا كتب ننهل منها..
قلت:
منها.. !؟
قال:
هي كثيرة.. لعل أهمها كتاب (الهداية) وهو في 4 أجزاء، و(مصدر الإسلام).. إضافة إلى
استعانتنا واستفادنا من كتابات عملاء الاستشراق أمثال طه حسين الذي استفادت
الكنيسة من كتابه (الشعر الجاهلي) مائة في المائة، وكان طلاب كلية اللاهوت
يعتبرونه من الكتب الأساسية لتدريس مادة الإسلام.
وعلى هذا
المنهج كانت رسالتي في الماجستير تحت عنوان (كيف ندمر الإسلام