بالمسلمين)
سنة 52 والتي أمضيت 4 سنوات في إعدادها من خلال الممارسة العملية للوعظ والتنصير
بين المسلمين من بعد تخرجي عام 48.
قلت:
أنا أعجب لك.. كيف يمكن لرجل يكتب مثل هذه الرسالة، ويتوجه هذا التوجه ينقلب ذلك الانقلاب
الذي انقلبته.
قال:
لا تعجب.. فالهداية من الله وبالله.. لقد من الله علي، فتعرضت لشمس النبوة التي
نسخت تلك الأحقاد التي ملأتنا بها الكنيسة.
قلت:
فحدثني كيف أشرقت عليك أنوار الهداية.
قال:
في مؤتمر تبشيري دعيت للكلام، فأطلت الكلام في ترديد كل المطاعن المحفوظة ضد
الإسلام، وبعد أن انتهيت من حديثي بدأت أسأل نفسي: لماذا أقول هذا وأنا أعلم أنني
كاذب ؟! واستأذنت قبل انتهاء المؤتمر، خرجت وحدي متجهاً إلى بيتي، كنت مهزوزاً من
أعماقي، متأزماً للغاية، وفي البيت قضيت الليل كله وحدي في المكتبة أقرأ القرآن،
ووقفت طويــلاً عنـد الآية الكريمة:﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ
خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الحشر:21)
في تلك
الليلة اتخذت قرار حياتي فأسلمت، ثم انضم إلي جميع أولادي، وكان أكثرهم حماساً
ابني الأكبر (أسامة) وهو دكتور في الفلسفة، ويعمل أستاذاً لعلم النفس في جامعة
السوربون.. وبإسلامهم زادت بيوت الإسلام بيتاً.
قلت:
تلك النهاية التي انتهيت إليها، وأنا أسألك عن البداية.
قال:
في شهر يونيو تقريباً عام 1955م استمعت إلى قول الله سبحانه:﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ
اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1)
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)
وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)﴾ (سورة الجن).. هذه الآية
الكريمة من الغريب أنها رسخت في القلب، ولما رجعت إلى البيت سارعت إلي المصحف
وأمسكته