قال:
لقد أذاقتني محبوبتي التي أسلمتها روحي من ألوان الهوان ما امتلأت به مرارة، فبعت
لأجلها كل ما أملك، وأرضيتها بكل ما أطقت أن أرضيها به، فلما نفذ ما عندي من مال
ومتاع هجرتني.. بل باعتني لمن يملك ما لا أملك، ويقدر على ما لا أقدر.
قلت:
فكيف نجوت من خنادق الهوى الوعرة؟
قال:
بمحمد.
قلت:
كيف ذلك؟
قال:
في تلك الأيام ظهر لي أن أسافر إلى اليمن.. ولست أدري كيف لاح لي ذلك الخاطر.. وقد
كانت تلك الأيام تزدهي بميلاد محمد a.. فكانت الأفراح في كل جانب، وكانت القصائد
العذبة تمتلئ بها الحناجر والأسماع.. وكنت أرى الفرحة تمتلئ بها القلوب غير شاعرة
بتلك الفاقة التي تصيح بها الأجساد.
لقد أثرت
في تلك المشاهد مع كوني لم أكن أعرف من العربية إلا ما أحتاجه في معاملاتي
الضرورية.
قلت:
فكيف فهمت ما يقولون؟
قال:
حرارة الصدق والإخلاص جعلتني أستوعب كل ما يذكرونه، بل أعيه وعيا تاما.
قلت:
أكان ذلك وحده هو الذي أنقذك من شباك الحب المدنس؟
قال:
كان ذلك هو الباب.. وكانت تلك هي البداية.. لقد كان الإخلاص والصدق هو الذي جعلني
أنضم إلى تلك المجالس، وأجلس معها، وأحاول أن أستشعر المشاعر المقدسة التي
تستشعرها..
لقد كان
كل كل هدفي أن أنسى من جرعتني السموم.. ولم أكن أعلم أن الله الرحيم