طبعاً،
هذا لم يثبت أنَّه كان عظيماً، بل أثبت فقط أنَّه يستحقُّ أنْ يُستمع له، لأنَّه
قال: (هذه هي نظريَّتي، وإنْ أردتم إثبات
أنِّي مخطئٌ فافعلوا هذا أو جرِّبوا ذاك)
وهذا هو
بالضَّبط ما يقدِّمه القرآن الكريم.. بعض هذه الاختبارات أصبحت مفروغاً منها حيث
إنَّها أثبتت صحَّتها، والبعض الآخر ما زال قائماً إلى يومنا هذا. إنَّ القرآن
يشير أساساً إلى أنَّه إذا لم يكن هذا الكتاب هو ما يدَّعيه، فما عليكم إلَّا أن
تفعلوا هذا أو ذاك لتثبتوا أنَّه مُزيَّف، وخلال ألفٍ وأربعمائة سنة مرَّت لم
يستطع أحد بالطبع أن يفعل هذا أو ذاك فيثبت ذلك، لذلك ما زال يعتبر صحيحاً
وأصيلاً.
ولهذا
أنا أقترح على من يريد أن يدخل في مناظرةٍ حول الإسلام مع أحد من غير المسلمين ـ
الَّذين يدَّعون أنَّ لديهم الحقيقة وأنَّ المسلمين على الباطل ـ أن يضع بدايةً
كلَّ الحُجَجِ الأخرى جانباً وأن يسأله ما يلي: (هل يوجد أيُّ اختبارٍ للزَّيف في دينك؟ هل يوجد في دينك ما يمكن
أن يُبيِّن أنَّكم على خطأ إن استطعت أنا أن أُثبت ذلك؛ هل يوجد أيُّ شيء؟!
التفت
إلي، وقال: أستطيع أن أعدك منذ الآن أنَّه لن يكون لدى أيٍّ منهم أيُّ اختبار أو
إثبات؛ لا شيء!وذلك لأنَّهم ليس لديهم أدنى فكرةٍ أنَّه يتوجَّب عليهم حين عرضهم
ما يؤمنون به على النَّاس أن يقدِّموا لهم الفرصة لإثبات أنهَّم مخطئون إن
استطاعوا.
ومع هذا،
فإنَّ الإسلام يقدِّم لهم ذلك. ومثالٌ رائعٌ على كيفيَّة تزويد القرآن الكريم
الإنسان بفرصةٍ ليتثبَّت من أصالته، وأن (يثبت زيفه) جاء في السُّورة الرابعة.
وأقول بصدق أنِّي كنت مندهشاً حين اكتشفت هذا التحدِّي لأوَّل مرَّة:﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ (النساء 82)
فهذا
يمثِّل تحدِّياً واضحاً لغير المسلمين، لأنَّه (وبطريقةٍ غير مباشرة) يدعوهم
لإيجاد أيِّ خطأ. وحقَّاً -إن وضعنا الجديَّة أو الصُّعوبة في هذا التحدِّي
جانباً- فإنَّ تقديم مثل هذا التحدِّي -في المقام الأوَّل- ليس حتَّى من طبيعة
البشر، فهو يتعارض مع تكوين الشخصيَّة البشريَّة.