قال:
ذلك الإدراك الناضج للحياة، والذي هو من ثمار السنة المحمدية التي تجمع بين الرأي
السديد، والقدوة العملية، في أسلوب من التوجيه الحكيم في أمور كثيرة تدلل على
واقعية هذا الدين، وحكمة أخَّاذة سديدة في أقوال محمد a،.. خُذْ مثلاً قوله a: (إعقلها وتوكل).. لقد قرر في
هاتين الكلمتين نظاماً دينيّاً في أعمالنا المعتادة، فلم يطلب إلينا التصديق
الأعمى بوجود قوى غيبية تحفظنا برغم تقصيرنا وإهمالنا، بل يدعونا إلى الثقة في
الله، والرضا بإرادته في عاقبة أمرنا، إذا نحن طرقنا الأمور من أبوابها الصحيحة،
وبذلنا في ذلك قصارى جهدنا.
قلت:
فما الثالث؟
قال:
سماحة الإسلام مع الأديان الأخرى ـ والذي هو نابع من اتساع الأفق الفكري ـ تجعله
قريباً إلى قلوب أولئك الذين يتعشقون الحرية، فقد دعا محمد a أتباعه إلى أن يحسنوا معاملة
المؤمنين بالتوراة والإنجيل، وإلى الإيمان بأن إبراهيم وموسى وعيسى عليهم رُسُلٌ
من عند الله الواحد الأحد.. هذه سماحة يمتاز بها الإسلام عن الأديان الأخرى.
قلت:
فما الرابع؟
قال:
التحرر الكامل من عبادة الأوثان، وهو دليل على سلامة دعائم العقيدة الإسلامية،
وعلى نقائها، فالتعاليم الأصلية التي جاء بها محمد a لم يغيرها المشرعون بتعديلات أو
إضافات، فها هو ذا القرآن الكريم على الحالة التي أنزل بها على محمد a لهداية المشركين والكفار في بداية
دعوته ظل ثابتاً راسخاً حتى الآن.
قلت:
فما الخامس؟
قال:
الاعتدال والتوسط في كل شئ.. فهما دعامتان أساسيتان في الإسلام، قد استحوذتا على
كل إعجابي وتقديري.
لقد آمنت
أن الرسول محمد a
كان حريصاً على صحة قومه، فأمرهم بالتزام النظافة إلى أبعد الحدود، كما أمرهم
بالصوم والسيطرة على الشهوات الجنسية.. وأذكر أنني كنت ـ عندما